تاريخ النشر
من فضلك... لا أريد أن آكل! التعامل مع الطفل صعب الإرضاء في الأكل وبناء عادات صحية
“لا أحب هذا!”، “لا أريد أن آكل!”، “أريد المعكرونة فقط!”… هذه العبارات مألوفة جدًا على موائد الطعام التي يجلس إليها الأطفال الصغار. إن ظاهرة الطفل صعب الإرضاء في الأكل (Picky Eater) هي تحدٍ مشترك يواجهه الكثير من الآباء والأمهات حول العالم. قد تكون أوقات الوجبات مصدرًا للتوتر والإحباط، ولكن من المهم أن نتذكر أن هذا السلوك، في معظم الحالات، هو أمر شائع وطبيعي ضمن مرحلة نمو الطفل.
الأسباب المحتملة لصعوبة إرضاء الطفل في الأكل
فهم الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك يمكن أن يساعدنا على التعامل معه بفاعلية أكبر:
- التطور الطبيعي (رهاب الطعام الجديد - Neophobia): يميل الأطفال، خاصة في مرحلة المشي وما بعدها (حوالي 18 شهرًا إلى سنتين)، إلى أن يصبحوا أكثر حذرًا تجاه الأطعمة الجديدة. هذا سلوك تطوري يهدف إلى حمايتهم من تناول مواد قد تكون ضارة عندما يبدأون في استكشاف بيئتهم بشكل مستقل.
- البحث عن الاستقلال والتحكم: مع نمو الأطفال، يسعون لإثبات ذاتهم والتحكم في محيطهم. رفض الطعام هو أحد الطرق السهلة والمتاحة لهم لممارسة هذا التحكم، خاصة وأن الطعام غالبًا ما يكون نقطة خلاف بين الوالدين والطفل.
- الحساسية المتزايدة للمذاق والملمس: قد يكون لدى بعض الأطفال حساسية أعلى لمذاقات معينة (المرارة مثلاً)، أو لملمس بعض الأطعمة (الطري جدًا، المقرمش جدًا، أو اللزج).
- قلة الجوع: الأطفال لديهم معدة صغيرة واحتياجاتهم للطعام أقل مما نتخيل. قد لا يكونون جائعين بالقدر الكافي لتناول وجبة كبيرة، أو قد يكونون قد تناولوا سناكات غير صحية بين الوجبات.
- المرض أو التسنين: حتى الوعكة الصحية الخفيفة أو ألم التسنين يمكن أن يؤثر على شهية الطفل ويجعله يرفض الطعام.
- تشتت الانتباه: البيئة المحيطة (التلفاز، الأجهزة اللوحية، الألعاب) أثناء الوجبة يمكن أن تشتت انتباه الطفل وتجعله غير راغب في التركيز على الأكل.
استراتيجيات عملية للتعامل مع الطفل صعب الإرضاء
بناء عادات غذائية صحية يتطلب الصبر والمثابرة، وإليكِ بعض الاستراتيجيات الفعالة:
- تقديم أصناف متنوعة ومتكررة: قدمي مجموعة واسعة من الأطعمة الصحية، بما في ذلك الخضروات والفواكه، ولا تيأسي إذا رفضها الطفل في المرة الأولى. قد يحتاج الطفل إلى رؤية الطعام 10-15 مرة قبل أن يتقبله أو يجربه.
- إشراك الطفل في إعداد الطعام: دعي طفلكِ يساعدكِ في مهام بسيطة في المطبخ (مثل غسل الخضروات، خلط المكونات). عندما يشعر بأنه جزء من العملية، تزداد احتمالية رغبته في تذوق ما ساعد في صنعه.
- جعل وقت الوجبة ممتعًا ومريحًا: اجعلي وجبة الطعام وقتًا عائليًا ممتعًا وخاليًا من التوتر. تجنبي الضغط أو الإجبار على الأكل. تحدثوا عن أمور إيجابية.
- عدم الإجبار أو المكافأة بالطعام: لا تجبري طفلكِ على إنهاء طبقه، ولا تستخدمي الطعام كمكافأة أو عقاب. “إذا أكلت الخضروات ستحصل على الحلوى” يرسل رسالة سلبية عن الخضروات.
- كن قدوة حسنة: يأكل الأطفال ما يأكله آباؤهم. كلي الأطعمة الصحية التي تريدين أن يأكلها طفلكِ.
- قدمي حصصًا صغيرة: ابدئي بكميات قليلة من الطعام. الطفل قد يشعر بالإرهاق من طبق مليء بالطعام. دعي طفلكِ يطلب المزيد إذا رغب.
- الصبر والمثابرة: بناء العادات الصحية يستغرق وقتًا. تحلي بالصبر، استمري في تقديم الخيارات الصحية، وتقبلي أن هناك أيامًا أفضل من غيرها.
- تجنبي السناكات غير الصحية بين الوجبات: قللي من تقديم العصائر والمشروبات السكرية والحلويات بين الوجبات، لأنها تملأ معدة الطفل وتقلل شهيته للأكل الصحي.
- تقديم الأطعمة بأشكال مختلفة: قطعي الخضروات إلى أشكال ممتعة، أو اخفيها في أطباق أخرى مثل الشوربات أو الصلصات.
متى يجب القلق وطلب المشورة؟
في معظم الحالات، يكون الطفل صعب الإرضاء في الأكل ينمو بشكل طبيعي ولا يعاني من نقص غذائي. ومع ذلك، هناك بعض العلامات التي تستدعي استشارة طبيب الأطفال:
- عدم زيادة الوزن أو النمو: إذا كان طفلكِ لا يكتسب وزنًا بشكل صحي أو كان نموه متوقفًا.
- فقدان الوزن: أي فقدان غير مبرر للوزن.
- رفض مجموعات غذائية كاملة: إذا كان يرفض تناول مجموعة غذائية كاملة (مثل الفواكه أو الخضروات بالكامل).
- الخنق المتكرر أو صعوبة البلع: إذا كان يواجه صعوبة حقيقية في بلع الطعام أو يختنق كثيرًا.
- نقص الطاقة أو التعب المستمر: إذا بدا خاملًا أو متعبًا بشكل غير طبيعي.
- تغييرات مفاجئة في السلوك الغذائي: إذا كان يأكل جيدًا ثم أصبح فجأة صعب الإرضاء.
تذكري أن طبيب الأطفال هو أفضل مصدر للمعلومات والنصائح حول صحة طفلكِ وتغذيته. لا تترددي في طلب المشورة إذا كان لديكِ أي مخاوف.
التعامل مع الطفل صعب الإرضاء في الأكل يتطلب مزيجًا من الصبر، الإبداع، والفهم. من خلال تبني استراتيجيات إيجابية وتقديم الدعم، يمكنكِ مساعدة طفلكِ على بناء علاقة صحية مع الطعام مدى الحياة.
ما هي أكبر تحدياتكِ مع طفلكِ صعب الإرضاء في الأكل؟ شاركينا تجربتكِ في التعليقات!